المصطلح "الثورة المضادة" من المفردات الثورية القديمة منذ انطلاق الثورات الدموية الشعبية أو العسكرية في تاريخ جميع الشعوب. وحاول البعض إطلاق مصطلح "الثورة البيضاء" على التغيرات التي يتم فيها انتقال السلطة أو تحولها بشكل غير دموي أو انقلابي.
شهدت كثير من الثورات, ثورات مضادة إما من داخل الثورة أو من القوى ورجال الحكم السابقين الذين فقدوا مكاسبهم ومراكزهم وسلطتهم الغابرة. بعض هذه الثورات المضادة استطاع من القضاء على الثورة في مهدها وبعضها باءت بالفشل. حدث هذا في ثورات عالمية أو ثورات عربية فقلنا: الثورة تأكل أولادها مثل القطة عندما تأكل أولادها لأسباب مجهولة.
ولعل الكثيرين من أبناء جيلنا يذكرون ثورة الجزائر وثورة اليمن وثورة مصر وثورة العراق وغيرها. قامت في بلدين عربيين حديثا ثورتان ناجحتان, وبأقل عدد من الخسائر في الأرواح والممتلكات. وتبعت هاتين الثورتين, ثورات في ليبيا واليمن وسوريا بما يسمى "الربيع العربي" أو ثورات التغيير. ساد المنطق والعقل في مواجهة ثورات الشباب عندما هبت رياح التغيير. وإذا كان الفضل يرجع لشباب الثورة, فان الفضل يعود إلى القوات المسلحة ومهنيتها العالية للدفاع عن الوطن وشعبه ضد العدو, لا لقتل شعبه. تصاعدت أصوات في مصر تحذر من الثورة المضادة لإجهاض الثورة. كان التحذير حقيقيا من خطر فلول النظام المنهار. كان التحذير من قبل المجلس العسكري والحكومة ضد الثورة المضادة.
وفي اعتقادي هناك مؤشرات للثورة المضادة تمثلها الاشتباكات الطائفية التي حدثت في القاهرة ومدن أخرى في وقت تؤسس الثورة الجديدة للمرحلة المقبلة. وهناك البلطجية من عصابات النظام الغابر الذين ما يزالون يهددون الأمن والاستقرار بالاعتداء على المدنيين. أما التهديد القائم فعلا فهو من بقايا رجال الحكم السابق المتمركزين في مؤسسات الدولة الهامة ويعيقون التغيير. إن الثورة المضادة تهديد حقيقي أشار إليه قادة الجيش وشباب ثورة التغيير, وهو خطر قد تشكله الأيديولوجيات المتصارعة حول هوية الحكم الديمقراطي المنتظر وبخاصة دور الإسلام السياسي والتطرف الفكري سواء إلى اليمين أواليسار. إن لكل ثورة, ثورة مضادة وعلى الشعب أن يحمي ثورته الحقيقية, وكل ثورة قد تتبعها ثورات كما هي الارتدادات بعد وقوع الزلزال الحقيقي.
وقد مرت شهور على بداية هذه الثورات, وتبعتها ثورات ما زال سعيرها يأكل الأخضر واليابس ويحصد مئات أوآلاف الأرواح, بينما الثورة التونسية والثورة المصرية تراوحان مكانهما, حتى أن البعض بدأ بالتشكيك في قدرة هاتين الثورتين على إيجاد البديل الديمقراطي للأنظمة المنهارة, وقد تبنى نظرية المؤامرة حول الأسباب الموجبة والطريق التي تعتمدها هذه الثورات. لم يعد المواطن العربي يكتفي بما يشاهده على الفضائيات العربية أو الأجنبية أو التصريحات الإعلامية الوطنية الخاصة بأي نظام.
بدأت بعض الآراء لمفكرين عرب وحتى أجانب, وهي تملك الوقت الكافي, بتحليل الأحداث وسير هذه الثورات وخياراتها. طرحت كثير من الأسئلة, سواء من قراءة للتاريخ أو التداعيات والارتدادات ومسارات هذه الثورات. كانت في بداية انطلاقة هذه الثورات, هناك تابوهات أو ممنوعات أو ضوء أحمر, تقول: ممنوع مهاجمة هذه الثورات, على أساس أنها من المسلمات وكل من له آراء مغايرة فهوضد الديمقراطية ومع الدكتاتورية والفساد. وكأن حماة هذه الثورات, يملكون صكوكا أو وكالات من الشعب بإدارة هذه الثورات, تماما كما فعلت الأنظمة الدكتاتورية.
الثورة والثورة المضادة / بقية
استمعت إلى أفكار جريئة وصادقة, تعبر عن هواجس وقلق بعض المفكرين العرب ومن في سويتهم, وقرأت حديثا, مقالات لأشخاص مهتمين, يعبرون فيها عن قلقهم ومصير هذه الثورات, وقد توصلوا إلى حقائق مذهلة عن أهداف من يقفون وراء أشخاص من أطراف هذه الثورات وتدريبهم على نماذج افتراضية لها ومحاكاتها في الداخل. ورأي أو صوت لمفكر عربي يقول: إن هناك نماذج مطروحة في المنطقة لها أهدافها ومصالحها الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية منها المشروع الأمريكي والمشروع الإسرائيلي والمشروع الإيراني والمشروع التركي أما فيما يخص الوطن العربي, فأين المشروع العربي؟ إن غياب المشروع العربي, الممثل لأصحاب الشأن وهم العرب, قد غاب أو غيب أو غير موجود. هل نحن مضطرون أومجبرون على الغياب وعدم بلورة مشروعنا العربي؟ بدأ العقل العربي بالتحرك, لا ضد الإصلاح ولكن مع الإصلاح وضد التدخل الأجنبي ومشروعاته الخبيثة. سؤال طرحه أحد المحاورين: هل نحن بحاجة إلى الاستغاثة والاستنجاد بالأجنبي لنصرتنا ضد شعوبنا؟ هل عدنا إلى وضع عندما كان العرب أو القبائل العربية حصونا أو أنصارا للفرس أو الرومان؟.
إن أطروحتي أو مداخلتي في هذا المقام تقول: إن التاريخ وهو المرجعية في هذه المناسبة, يؤكد على أن الهوية القومية هي ضرورة لمنع التدخل الأجنبي وتحظى بأولوية على الثورات. وحتى أكون واضحا, بأن الشعور القومي بالتهديد الخارجي يوحد الأمة على هدف واحد, أما البقية فتتبع ومثال ذلك الثورة الفرنسية والإطاحة بالملك لويس السادس عشر. عندما أخذت مملكات أوروبا بالاستعداد للقضاء على الثورة الفرنسية في عام 1792, التي سالت فيها أنهار من الدماء, قام زعماء الثورة بتحريض الشعب الفرنسي ضد العدو المشترك, وعندما شعر الشعب بالخطر عاد إلى التضامن وهزم الجيوش الأوروبية واستمرت الثورة في طريقها حتى أطاحت بالطاغية لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت. لسنا مع الاحتراب وإنما الحفاظ على وحدة الأمة وهويتها من الاندثار, ولا نطالب ببقاء الأنظمة الشمولية واستبدادها بل نطالب بالإصلاح. لم تعد ثورات الربيع العربي بمنأى عن النقد والتحذير, لأننا كأمة لنا مصير واحد. إن ثورات الربيع العربي جاءت كبديل للأنظمة الشمولية والفاسدة, فهي ليست مقدسة أو معصومة عن الخطأ أو عن النقد أو قبول الرأي الآخر, وإلا تحول المعارضون أوأصحاب الرأي إلى خارجين على القانون وخونة في نظر الثورة, وهو لا يختلف عن وجهة نظر الأنظمة الاستبدادية.
شهدت كثير من الثورات, ثورات مضادة إما من داخل الثورة أو من القوى ورجال الحكم السابقين الذين فقدوا مكاسبهم ومراكزهم وسلطتهم الغابرة. بعض هذه الثورات المضادة استطاع من القضاء على الثورة في مهدها وبعضها باءت بالفشل. حدث هذا في ثورات عالمية أو ثورات عربية فقلنا: الثورة تأكل أولادها مثل القطة عندما تأكل أولادها لأسباب مجهولة.
ولعل الكثيرين من أبناء جيلنا يذكرون ثورة الجزائر وثورة اليمن وثورة مصر وثورة العراق وغيرها. قامت في بلدين عربيين حديثا ثورتان ناجحتان, وبأقل عدد من الخسائر في الأرواح والممتلكات. وتبعت هاتين الثورتين, ثورات في ليبيا واليمن وسوريا بما يسمى "الربيع العربي" أو ثورات التغيير. ساد المنطق والعقل في مواجهة ثورات الشباب عندما هبت رياح التغيير. وإذا كان الفضل يرجع لشباب الثورة, فان الفضل يعود إلى القوات المسلحة ومهنيتها العالية للدفاع عن الوطن وشعبه ضد العدو, لا لقتل شعبه. تصاعدت أصوات في مصر تحذر من الثورة المضادة لإجهاض الثورة. كان التحذير حقيقيا من خطر فلول النظام المنهار. كان التحذير من قبل المجلس العسكري والحكومة ضد الثورة المضادة.
وفي اعتقادي هناك مؤشرات للثورة المضادة تمثلها الاشتباكات الطائفية التي حدثت في القاهرة ومدن أخرى في وقت تؤسس الثورة الجديدة للمرحلة المقبلة. وهناك البلطجية من عصابات النظام الغابر الذين ما يزالون يهددون الأمن والاستقرار بالاعتداء على المدنيين. أما التهديد القائم فعلا فهو من بقايا رجال الحكم السابق المتمركزين في مؤسسات الدولة الهامة ويعيقون التغيير. إن الثورة المضادة تهديد حقيقي أشار إليه قادة الجيش وشباب ثورة التغيير, وهو خطر قد تشكله الأيديولوجيات المتصارعة حول هوية الحكم الديمقراطي المنتظر وبخاصة دور الإسلام السياسي والتطرف الفكري سواء إلى اليمين أواليسار. إن لكل ثورة, ثورة مضادة وعلى الشعب أن يحمي ثورته الحقيقية, وكل ثورة قد تتبعها ثورات كما هي الارتدادات بعد وقوع الزلزال الحقيقي.
وقد مرت شهور على بداية هذه الثورات, وتبعتها ثورات ما زال سعيرها يأكل الأخضر واليابس ويحصد مئات أوآلاف الأرواح, بينما الثورة التونسية والثورة المصرية تراوحان مكانهما, حتى أن البعض بدأ بالتشكيك في قدرة هاتين الثورتين على إيجاد البديل الديمقراطي للأنظمة المنهارة, وقد تبنى نظرية المؤامرة حول الأسباب الموجبة والطريق التي تعتمدها هذه الثورات. لم يعد المواطن العربي يكتفي بما يشاهده على الفضائيات العربية أو الأجنبية أو التصريحات الإعلامية الوطنية الخاصة بأي نظام.
بدأت بعض الآراء لمفكرين عرب وحتى أجانب, وهي تملك الوقت الكافي, بتحليل الأحداث وسير هذه الثورات وخياراتها. طرحت كثير من الأسئلة, سواء من قراءة للتاريخ أو التداعيات والارتدادات ومسارات هذه الثورات. كانت في بداية انطلاقة هذه الثورات, هناك تابوهات أو ممنوعات أو ضوء أحمر, تقول: ممنوع مهاجمة هذه الثورات, على أساس أنها من المسلمات وكل من له آراء مغايرة فهوضد الديمقراطية ومع الدكتاتورية والفساد. وكأن حماة هذه الثورات, يملكون صكوكا أو وكالات من الشعب بإدارة هذه الثورات, تماما كما فعلت الأنظمة الدكتاتورية.
الثورة والثورة المضادة / بقية
استمعت إلى أفكار جريئة وصادقة, تعبر عن هواجس وقلق بعض المفكرين العرب ومن في سويتهم, وقرأت حديثا, مقالات لأشخاص مهتمين, يعبرون فيها عن قلقهم ومصير هذه الثورات, وقد توصلوا إلى حقائق مذهلة عن أهداف من يقفون وراء أشخاص من أطراف هذه الثورات وتدريبهم على نماذج افتراضية لها ومحاكاتها في الداخل. ورأي أو صوت لمفكر عربي يقول: إن هناك نماذج مطروحة في المنطقة لها أهدافها ومصالحها الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية منها المشروع الأمريكي والمشروع الإسرائيلي والمشروع الإيراني والمشروع التركي أما فيما يخص الوطن العربي, فأين المشروع العربي؟ إن غياب المشروع العربي, الممثل لأصحاب الشأن وهم العرب, قد غاب أو غيب أو غير موجود. هل نحن مضطرون أومجبرون على الغياب وعدم بلورة مشروعنا العربي؟ بدأ العقل العربي بالتحرك, لا ضد الإصلاح ولكن مع الإصلاح وضد التدخل الأجنبي ومشروعاته الخبيثة. سؤال طرحه أحد المحاورين: هل نحن بحاجة إلى الاستغاثة والاستنجاد بالأجنبي لنصرتنا ضد شعوبنا؟ هل عدنا إلى وضع عندما كان العرب أو القبائل العربية حصونا أو أنصارا للفرس أو الرومان؟.
إن أطروحتي أو مداخلتي في هذا المقام تقول: إن التاريخ وهو المرجعية في هذه المناسبة, يؤكد على أن الهوية القومية هي ضرورة لمنع التدخل الأجنبي وتحظى بأولوية على الثورات. وحتى أكون واضحا, بأن الشعور القومي بالتهديد الخارجي يوحد الأمة على هدف واحد, أما البقية فتتبع ومثال ذلك الثورة الفرنسية والإطاحة بالملك لويس السادس عشر. عندما أخذت مملكات أوروبا بالاستعداد للقضاء على الثورة الفرنسية في عام 1792, التي سالت فيها أنهار من الدماء, قام زعماء الثورة بتحريض الشعب الفرنسي ضد العدو المشترك, وعندما شعر الشعب بالخطر عاد إلى التضامن وهزم الجيوش الأوروبية واستمرت الثورة في طريقها حتى أطاحت بالطاغية لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت. لسنا مع الاحتراب وإنما الحفاظ على وحدة الأمة وهويتها من الاندثار, ولا نطالب ببقاء الأنظمة الشمولية واستبدادها بل نطالب بالإصلاح. لم تعد ثورات الربيع العربي بمنأى عن النقد والتحذير, لأننا كأمة لنا مصير واحد. إن ثورات الربيع العربي جاءت كبديل للأنظمة الشمولية والفاسدة, فهي ليست مقدسة أو معصومة عن الخطأ أو عن النقد أو قبول الرأي الآخر, وإلا تحول المعارضون أوأصحاب الرأي إلى خارجين على القانون وخونة في نظر الثورة, وهو لا يختلف عن وجهة نظر الأنظمة الاستبدادية.