اكتسبت ثورة 25 يناير تأييدًا عالميا غير مسبوق حيث أشاد قادة معظم دول العالم بأبطال الثورة والشعب المصري ووصفوها بأنها ثورة يحتذي بها وأنها سوف تؤثر إيجابيا علي منطقة الشرق الأوسط بالكامل. لا شك أن ذلك ينبئ بعلاقات سياسية مستقبلية قوية ومبنية علي الاحترام المتبادل ووضع مصر الديمقراطية في مكانتها التي تليق بها كمحور ارتكاز في العالم العربي والشرق الأوسط بعد استعادة الكرامة المفقودة في ظل النظام السابق.
إذا كان ذلك هو استقراء مستقبل العلاقات السياسية بين مصر والعالم الخارجي، فإن السؤال الذي تجيب عنه هذه المقالة هو ما هو مستقبل العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية بين مصر والعالم الخارجي في ضوء البيانات والتوقعات المتحفظة التي أصدرها البنك المركزي مؤخرًا والمتعلقة بميزان المدفوعات؟
يمثل ميزان المدفوعات العلاقات الاقتصادية والمالية بين مصر والعالم الخارجي، وفي نظرنا أن التحليل والقراءة المتعمقة لميزان المدفوعات يمكن أن تعطي صورة متكاملة عن الاقتصاد ككل.
لا شك أن كثيرا من مكونات ميزان المدفوعات واتجاهاتها يمثل هاجسًا لصناع السياسة الاقتصادية ولمؤسسات الأفراد المصريين بالاضافة أيضًا إلي أنه يستحوذ علي اهتمام المستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية التي تتعامل مع مصر، حيث أن اتجاهات مكونات الميزان مثل الصادرات والواردات وإيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات الوطنية المتدفقة للخارج والاستثمارات الأجنبية والتي تمثل تدفقات مالية داخلة وخارجة تؤثر تلك المؤشرات بطبيعة الحال علي الناتج المحلي الإجمالي والموازنة العامة ومعدلات التضخم والبورصة.. وإلخ.
لذا، فإن رصد توقعات ميزان المدفوعات يعتبر من الأمور المهمة لرسم السياسات الاقتصادية وكذلك أيضا بالنسبة للعالم الخارجي مثل مؤسسات التصنيف الائتماني حيث أن حجم التدفقات النقدية الداخلة إلي مصر والتدفقات الخارجة تمثل قدرة مصر علي سداد التزاماتها تجاه العالم الخارجي من قيمة واردات وديون مختلفة وبالتالي تعتبر تلك المؤشرات من أهم المؤشرات التي تقيس الجدارة الائتمانية أو ما يطلق عليه التصنيف الائتماني لمصر، والذي يعبر عن وضع الاقتصاد المصري.
ومن الجدير بالذكر أن أية دولة تمر بظروف غير عادية مثل مصر تقوم مؤسسات التصنيف الائتماني بتخفيض التصنيف الائتماني للدولة مثلما حدث في حالة مصر بعد ثورة 25 يناير.
يمكن استقراء مستقبل العلاقات الاقتصادية والمالية لمصر مع العالم الخارجي في ضوء معطيات ثورة 25 يناير كما يلي:
بالنسبة للصادرات، فإنه من المتوقع أن ينخفض معدل نمو الصادرات في الفترة القصيرة وذلك بسبب الأحداث الأخيرة والوقفات الفئوية الاحتجاجية وكما هو معروف، فإن المؤسسات الدولية قد قامت بخفض تقديراتها بالنسبة لمعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي من 5.5٪ إلي 3.5٪ في عام 2011. وبالتالي، فإن انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي ينعكس علي معدل نمو الصادرات باعتبار أن الصادرات أحد المكونات المهمة للناتج المحلي الاجمالي. من ناحية أخري، قد يكون انخفاض سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الرئيسية أحد العوامل المهمة التي تؤدي إلي زيادة الصادرات ولكن بشرط أن يكون الطلب علي الصادرات في الأسواق الدولية مرنًا. من جدير بالذكر أن انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل العملات الرئيسية كان أقل مما كانت تتوقعه الأسواق وكان ذلك بسبب تدخل البنك المركزي سوف يتدخل في سوق الصرف الأجنبي إذا حدثت اختلالات حادة.
بالنسبة للواردات، فإنها من المتوقع أن تزداد في الفترة المقبلة وذلك بسبب ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.
أما فيما يتعلق بإيرادات السياحة، فإنها من المتوقع أن تنخفض في الفترة القصيرة ولكن من المتوقع أن ترتفع في الأجل الطويل وتجدر الاشارة إلي أن مصر شهدت أحداثًا كبيرة أثرت علي السياحة مثل حادثة الأقصر في عام 1997 ولكن ما لبثت السياحة أن انتعشت بصورة كبيرة بعد فترة قصيرة، ومن المتوقع أن تساهم السياحة بدرجة أكبر في ميزان المدفوعات وايرادات الدولة إذا تمت إدارة السياحة بصورة علمية وعدم الاقتصار علي سياحة الآثار فقط. من الملاحظ أن قطاع السياحة من أكثر القطاعات التي تأثرت سلبًا وبدرجة كبيرة ومباشرة بثورة 25 يناير.
أما بالنسبة لتحويلات العاملين بالخارج، فإنها سوف تتأثر سلبًا ليس بسبب حالة عدم التأكد التي شهدها ويشهدها الاقتصاد المصري في الفترة الراهنة ولكن بسبب الأحداث التي تشهدها الدول العربية مثل ليبيا والبحرين، لذا، يجب علي القائمين علي السياسة الاقتصادية المصرية أن يأخذوا ذلك في الحسبان وأن يكون هناك خطة لاستيعاب جزء من العمالة المصرية التي ستعود إلي مصر.
أما فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية والتي تأثرت إلي حد ما بالأزمة المالية في عام 2008 ثم بالأحداث الأخيرة، فإنه من المتوقع أن تنخفض في الأجل القصير وكذلك إغلاق البورصة لفترة طويلة يؤثر علي الاستثمارات الأجنبية والعربية في الفترة القصيرة. أما بالنسبة للأجل الطويل، فإنه من المتوقع أن تزداد تلك الاستثمارات بدرجة كبيرة وذلك عندما تستقر الأوضاع السياسية والاقتصادية وتسود الديمقراطية والشفافية والحكم الجيد للشركات والمؤسسات ويقتلع الفساد من جذوره ويشعر المستثمر الأجنبي أن مناخ وبيئة الاستثمار أصبحت تتميز بالشفافية وليس بالمشاركة الجبرية التي كانت سمة غالبة لكثير من تلك الاستثمارات والتي أثرت سلبًا علي سمعة مصر الاقتصادية في الخارج.
هناك سبب جوهري يجعلني مقتنعا بأن آفاق الاقتصاد المصري سيشهد تطورًا كبيرًا اعتبارًا من عام 2012 وهذا السبب هو أن هناك أوضاعًا غير قابلة للاستمرار يأتي في مقدمتها وجود النظام السابق وممارسته السيئة في جميع مناحي الحياة، وإذا كان هناك بعض التخوف الأمني في الفترة الحالية، فإن هذا الوضع أيضا لن يكون قابلاً للاستمرار لأن أبطال 25 يناير لن يقبلوا بهذا، لأن من ضحي بحياته في سبيل تحقيق أهدافه المشروعة والمثالية لن يقبل بأن يكون هناك تلويث لهذه الأهداف والمبادئ التي سعي من أجلها والتي تهدف إلي تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والتمسك بالشفافية، وقد ظهر ذلك جليا في سلوك الشعب المصري بعد الثورة، حيث ظهر المعدن الأصيل للشعب المصري وتغير سلوكه من السلبية إلي الإيجابية وحب الوطن والمشاركة الجماعية في بناء وطن شريف قادر علي استعادة مكانته علي المستوي العربي والدولي بعزة وكرامة.
إذا كان ذلك هو استقراء مستقبل العلاقات السياسية بين مصر والعالم الخارجي، فإن السؤال الذي تجيب عنه هذه المقالة هو ما هو مستقبل العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية بين مصر والعالم الخارجي في ضوء البيانات والتوقعات المتحفظة التي أصدرها البنك المركزي مؤخرًا والمتعلقة بميزان المدفوعات؟
يمثل ميزان المدفوعات العلاقات الاقتصادية والمالية بين مصر والعالم الخارجي، وفي نظرنا أن التحليل والقراءة المتعمقة لميزان المدفوعات يمكن أن تعطي صورة متكاملة عن الاقتصاد ككل.
لا شك أن كثيرا من مكونات ميزان المدفوعات واتجاهاتها يمثل هاجسًا لصناع السياسة الاقتصادية ولمؤسسات الأفراد المصريين بالاضافة أيضًا إلي أنه يستحوذ علي اهتمام المستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية التي تتعامل مع مصر، حيث أن اتجاهات مكونات الميزان مثل الصادرات والواردات وإيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات الوطنية المتدفقة للخارج والاستثمارات الأجنبية والتي تمثل تدفقات مالية داخلة وخارجة تؤثر تلك المؤشرات بطبيعة الحال علي الناتج المحلي الإجمالي والموازنة العامة ومعدلات التضخم والبورصة.. وإلخ.
لذا، فإن رصد توقعات ميزان المدفوعات يعتبر من الأمور المهمة لرسم السياسات الاقتصادية وكذلك أيضا بالنسبة للعالم الخارجي مثل مؤسسات التصنيف الائتماني حيث أن حجم التدفقات النقدية الداخلة إلي مصر والتدفقات الخارجة تمثل قدرة مصر علي سداد التزاماتها تجاه العالم الخارجي من قيمة واردات وديون مختلفة وبالتالي تعتبر تلك المؤشرات من أهم المؤشرات التي تقيس الجدارة الائتمانية أو ما يطلق عليه التصنيف الائتماني لمصر، والذي يعبر عن وضع الاقتصاد المصري.
ومن الجدير بالذكر أن أية دولة تمر بظروف غير عادية مثل مصر تقوم مؤسسات التصنيف الائتماني بتخفيض التصنيف الائتماني للدولة مثلما حدث في حالة مصر بعد ثورة 25 يناير.
يمكن استقراء مستقبل العلاقات الاقتصادية والمالية لمصر مع العالم الخارجي في ضوء معطيات ثورة 25 يناير كما يلي:
بالنسبة للصادرات، فإنه من المتوقع أن ينخفض معدل نمو الصادرات في الفترة القصيرة وذلك بسبب الأحداث الأخيرة والوقفات الفئوية الاحتجاجية وكما هو معروف، فإن المؤسسات الدولية قد قامت بخفض تقديراتها بالنسبة لمعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي من 5.5٪ إلي 3.5٪ في عام 2011. وبالتالي، فإن انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي ينعكس علي معدل نمو الصادرات باعتبار أن الصادرات أحد المكونات المهمة للناتج المحلي الاجمالي. من ناحية أخري، قد يكون انخفاض سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الرئيسية أحد العوامل المهمة التي تؤدي إلي زيادة الصادرات ولكن بشرط أن يكون الطلب علي الصادرات في الأسواق الدولية مرنًا. من جدير بالذكر أن انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل العملات الرئيسية كان أقل مما كانت تتوقعه الأسواق وكان ذلك بسبب تدخل البنك المركزي سوف يتدخل في سوق الصرف الأجنبي إذا حدثت اختلالات حادة.
بالنسبة للواردات، فإنها من المتوقع أن تزداد في الفترة المقبلة وذلك بسبب ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.
أما فيما يتعلق بإيرادات السياحة، فإنها من المتوقع أن تنخفض في الفترة القصيرة ولكن من المتوقع أن ترتفع في الأجل الطويل وتجدر الاشارة إلي أن مصر شهدت أحداثًا كبيرة أثرت علي السياحة مثل حادثة الأقصر في عام 1997 ولكن ما لبثت السياحة أن انتعشت بصورة كبيرة بعد فترة قصيرة، ومن المتوقع أن تساهم السياحة بدرجة أكبر في ميزان المدفوعات وايرادات الدولة إذا تمت إدارة السياحة بصورة علمية وعدم الاقتصار علي سياحة الآثار فقط. من الملاحظ أن قطاع السياحة من أكثر القطاعات التي تأثرت سلبًا وبدرجة كبيرة ومباشرة بثورة 25 يناير.
أما بالنسبة لتحويلات العاملين بالخارج، فإنها سوف تتأثر سلبًا ليس بسبب حالة عدم التأكد التي شهدها ويشهدها الاقتصاد المصري في الفترة الراهنة ولكن بسبب الأحداث التي تشهدها الدول العربية مثل ليبيا والبحرين، لذا، يجب علي القائمين علي السياسة الاقتصادية المصرية أن يأخذوا ذلك في الحسبان وأن يكون هناك خطة لاستيعاب جزء من العمالة المصرية التي ستعود إلي مصر.
أما فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية والتي تأثرت إلي حد ما بالأزمة المالية في عام 2008 ثم بالأحداث الأخيرة، فإنه من المتوقع أن تنخفض في الأجل القصير وكذلك إغلاق البورصة لفترة طويلة يؤثر علي الاستثمارات الأجنبية والعربية في الفترة القصيرة. أما بالنسبة للأجل الطويل، فإنه من المتوقع أن تزداد تلك الاستثمارات بدرجة كبيرة وذلك عندما تستقر الأوضاع السياسية والاقتصادية وتسود الديمقراطية والشفافية والحكم الجيد للشركات والمؤسسات ويقتلع الفساد من جذوره ويشعر المستثمر الأجنبي أن مناخ وبيئة الاستثمار أصبحت تتميز بالشفافية وليس بالمشاركة الجبرية التي كانت سمة غالبة لكثير من تلك الاستثمارات والتي أثرت سلبًا علي سمعة مصر الاقتصادية في الخارج.
هناك سبب جوهري يجعلني مقتنعا بأن آفاق الاقتصاد المصري سيشهد تطورًا كبيرًا اعتبارًا من عام 2012 وهذا السبب هو أن هناك أوضاعًا غير قابلة للاستمرار يأتي في مقدمتها وجود النظام السابق وممارسته السيئة في جميع مناحي الحياة، وإذا كان هناك بعض التخوف الأمني في الفترة الحالية، فإن هذا الوضع أيضا لن يكون قابلاً للاستمرار لأن أبطال 25 يناير لن يقبلوا بهذا، لأن من ضحي بحياته في سبيل تحقيق أهدافه المشروعة والمثالية لن يقبل بأن يكون هناك تلويث لهذه الأهداف والمبادئ التي سعي من أجلها والتي تهدف إلي تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والتمسك بالشفافية، وقد ظهر ذلك جليا في سلوك الشعب المصري بعد الثورة، حيث ظهر المعدن الأصيل للشعب المصري وتغير سلوكه من السلبية إلي الإيجابية وحب الوطن والمشاركة الجماعية في بناء وطن شريف قادر علي استعادة مكانته علي المستوي العربي والدولي بعزة وكرامة.